من مقالات الشيخ الشعراوى رحمه الله
شفقـــــة الحبيـــــب
يقول رب العزة سبحانه : ( يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل:
إنا سنرضيك في أمتك، و لا نسوؤك)
يقول الحق سبحانه: (( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ))
يقول رب العزة سبحانه : ( يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك، و لا نسوؤك)
يقول الحق سبحانه: (( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ))
لقد جاءكم أيها المؤمنون رسول منكم، عربي، و من قريش، يبلغكم رسالة الله تعالى، يحرص عليكم كيلا تفعلوا في مشقة، أو تعيشوا في ضنك الكفر، حريص على أن تكونوا من المهتدين.
فهو صلى الله عليه و سلم محب لكم، يشق عليه و يتعبه ما يشق عليكم و يتعبكم، لذلك كان رسول الله صلى الله عليه و سلم مشغولاً بأمته.
و قوله سبحانه: ((عَزِيزٌ عَلَيْهِ )) فالعزة تأتي لامتناع شيء إما لقدرته، أو عزيز بمعنى نادر أم يستحيل.
و العزيز هو الأمر الذي يعز على الناس أن يتداولوه. فيقال: عز علي أن أصل إلى قمة الجبل. ((عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ )) أي شاق عليه أن يعنتكم يحكم، فقلبه رحيم بكم، و هو لا يأتي لكم بالأحكام لكي تشق عليكم، بل تنزل الأحكام من الله لمصلحتكم، فهو نفسه يعز عليه أن يشق عليكم.
و لذلك قال النبي صلى الله عليه و سلم: ( مثلى كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حولها جعل الفَرَاش و هذه الدواب التي في النار يقعن فيها، و جعل يحجزهن و يغلبنه فيقتحمن فيها. قال: فذلك مثلي و مثلكم أنا أخذ بحجزكم من النار، هلم عن النار، هلم عن النار، قتغلبوني تقحمون فيها) أخرجه البخاري و مسلم. فإذا كان الرسول صلى الله عليه و سلم صفته أنه من أنفُسكم، أو من أنفَيكم، أو يحبكم حباً يعز عليه أن تكونوا في مشقة. إذن: فخذوا توجيهاته بحسن الظن و بحسن الرأي فيها. و ذلك هو القانون التربوي الذي يجب أن يسود الدنيا كلها، فقد يقسو والد علي ولده بأوامر و نواه: (افعل كذا) و ( لا تفعل كذا) لا تذهب إلى المكان الفلاني، و لا تجلس إلى فلان، و لا تسهر خارج المنزل بعد ساعة كذا. كل هذه أوامر قد تشق على الولد، فنقول له: مشقة التكليف ممن صدرت؟ لقد صدرت من أبيك الذي تعرف حبه لك، و الذي يشقى ليوفر لك بناء المستقبل، و يتعب لترتاح أنت، فكيف تسمح لنفسك أن تصادق صعاليك بخرجونك عن طاعة أبيك إلى اللهو و إلى الشر. و انظر إلى والدك الذي تحمل المشقة حتى لا تتحمل أنت المشقة، و يشق عليه أن تتعب فهو أولى بأن تسمع كلامه. و رسول الله صلى الله عليه و سلم عزيز علي مشقتكم. و المشقات أنواع، مشقات الدنيا تتمثل في التكاليف التي يتطلبها الإيمان، و لكنها تمنع مشقات أخلد في الآخرة. لذلك فالرسول صلى الله عليه و سلم يحزن أن ينالكم في الآخرة تعبٌ، و تعب الدنيا موقوت و ينتهى، لكن تعب الآخرة هو الذي يرهق حقاً و يتعب.
اسألكم الدعاء
اختكم فى الله سلوى